تعليق الطلاق على المستحيل هل يقع أم لا يقع؟
السؤال: 762 / الروض المربع: كتاب الطلاق، جاء في الروض المربع:
")و( إن قال: )أنت طالق إن طِرْتِ، أو صعدت السماء، أو قلبت الحجر ذهباً، ونحوه من المستحيل( لذاته، أو عادة؛ ك: إن رددت أمس، أو جمعت بين الضدين، أو شاء الميت، أو البهيمة؛ )لم تطلق( لأنه علق الطلاق بصفة لم توجد".
ثم قال بعدها: ")و( إن قال لزوجته: )أنت طالق( إن شاء الله )أو( قال: )عبدي حر إن شاء الله( أو إلا أن يشاء الله أو ما لم يشأ الله، ونحوه )وقعا( أي: الطلاق والعتق؛ لأنه تعليق على ما لا سبيل إلى علمه فبطل كما لو علقه على شيء من المستحيلات". في العبارة الأولى جعل التعليق على المستحيل لا يقع به الطلاق، وفي الثانية جعل التعليق على المستحيل يقع به الطلاق، فما وجه التفريق بينهما؟
أجاب الشيخ د. عبد الرحمن العسكر/ الجواب عن ذلك والله أعلم بذكر ما قاله موفق الدين أبو محمد ابن قدامة في كتاب "المغني" فقد نقل البهوتي في "الروض" تعليل المسألتين فيما يظهر منه حيث قال ابن قدامة في الصورة الأولى وهي التعليق على المستحيل ) 10 / 474 475 :) فإن علق الطلاق على مستحيل، فقال: أنت طالق إن قتلت الميت، أو شربت الماء الذي في الكوز ولا ماء فيه، أو: جمعت بين الضدين، أو: كان الواحد أكثر من اثنين، أو على ما يستحيل عادة، كقوله إن طرت، أو: صعدت إلى السماء، أو: قلبت الحجر ذهباً، أو: شربت هذا النهر كله، أو: حملت الجبل، أو: شاء الميت، ففيه وجهان؛ أحدهما، يقع الطلاق في الحال؛ لأنه أردف الطلاق بما يرفع
جملته، ويمنع وقوعه في الحال وفي الثاني، فلم يصح، كاستثناء الكل، وكما لو قال: أنت طالق طلقة لا تقع عليك، أو: لا تنقص عدد طلاقك .
والثاني: لا يقع؛ لأنه علق الطلاق بصفة لم توجد، ولأن ما يقصد تبعيده يعلق على المحال، كقوله إذا شاب الغراب أتيت أهلي ... وصار القار كاللبن الحليب أي لا آتيهم أبداً.
وقيل: إن علقه على ما يستحيل عقلاً، وقع في الحال؛ لأنه لا وجود له، فلم تعلق به الصفة، وبقي مجرد الطلاق، فوقع، وإن علقه على مستحيل عادة، كالطيران، وصعود السماء، لم يقع؛ لأن له وجوداً وقد وجد جنس ذلك في معجزات الأنبياء عليهم السلام وكرامات الأولياء، فجاز تعليق الطلاق به ولم يقع قبل وجوده.
وقال في المسألة الثانية في تعليق الطلاق بالمشيئة ) 10 / 472 473 :)
فإن قال: أنت طالق إن شاء الله تعالى طلقت زوجته، وكذلك إن قال: عبدي حر إن شاء الله تعال ى عتق، نص عليه أحمد، في رواية جماعة، وقال: ليس هما من الأيمان، وبهذا قال سعيد بن المسيب والحسن، ومكحول، وقتادة، والزهري، ومالك، والليث، والأوزاعي، وأبو عبيد.
وعن أحمد ما يدل على أن الطلاق لا يقع، وكذلك العتاق، وهو قول طاووس، والحكم، وأبي حنيفة، والشافعي؛ لأنه علقه على مشيئة لم يعلم وجودها، فلم يقع، كما لو علقه على مشيئة زيد، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من حلف على يمين، فقال: إن شاء الله، لم يحنث" رواه الترمذي، وقال حديث حسن .
ولنا، ما روى أبو جمرة، قال: سمعت ابن عباس يقول: إذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، فهي طالق، رواه أبو حفص بإسناده ]وعن أبى بردة نحوه[ وروى ابن عمر، وأبو سعيد، قالا: كنا معاشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نرى الاستثناء جائزاً في كل شيء، إلا في العتاق والطلاق، ذكره أبو الخطاب، وهذا نقل للإجماع، وإن قدر أنه قول بعضهم فانتشر، ولم يعلم له مخالف، فهو إجماع، ولأنه استثناء يرفع جملة الطلاق، فلم يصح، كقوله: أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً ولأنه استثناء حكم في محل، فلم يرتفع بالمشيئة، كالبيع والنكاح، ولأنه إزالة ملك، فلم يصح تعليقه على مشيئة الله، كما لو قال: أبرأتك إن شاء الله، أو تعليق على ما لا سبيل إلى علمه، فأشبه تعليقه على المستحيلات. أ.ه.
فتبين بهذا أن الشيخ البهوتي في المسألة الأولى حكم بعدم وقوع الطلاق إذا علقه على المستحيل آخذاً بالوجه الثاني في المذهب؛ لأنه علق الطلاق بصفة لم توجد؛ ولأن ما يقصد تبعيده يعلق على المحال، ولم يفرق البهوتي بين المحال عقلاً والمحال عادة، كما في القول الثالث.
ثم لما ذكر المسألة الثانية وهي تعليق الطلاق بالمشيئة اختار البهوتي القول بوقوع الطلاق، واكتفى في الاستدلال بذكر شبهه بالتعليق على المستحيل في وقوع الطلاق به وهو الوجه الأول الذي أشار له في المسألة الأولى، لكنه لم يقل به، وترك بقية الأدلة.
ولعل سبب أخذه في المسألة الثانية بوقوع الطلاق، هو كثرة الأدلة الدالة على ذلك من قول الصحابة حتى عُدَّ إجماعاً منهم، وهو رواية الجماعة عن الإمام أحمد القول بوقوعه، ومن أدلتهم مشابهته بالتعليق على المستحيل.
هذا ما ظهر لي في التفريق بين المسألتين.
والله أعلم.
نشرت بتاريخ: الأربعاء 27 / 12 / 2023 14 / 6 / 1445 ه.
السؤال: ٧٤٠/ الروض المربع: كتاب المناسك، محظورات الإحرام. جاء في الروض المربع: "ولهما لبس معصفر وكُحليّ" لماذا خصص الشارح الكُحليّ من بين بقيّة الألو
السؤال: 962/ الروض المربع: كتاب النكاح، الخلع: جاء في الروض المربع: "باب الخلع" لماذا قدم الخلع على الطلاق، والحق الخلع كباب في كتاب النكاح، ولم يف
هل عدم الوقوف بعرفة من الإحصار؟ السؤال: 831 / الروض المربع: كتاب المناسك، الفوت والإحصار: جاء في الروض المربع: ")ومن فاته الوقوف( بأن طلع فجر يوم ال
السؤال: 847/ الروض المربع: كتاب البيع والربا: جاء في الروض المربع: "(ولا يصح بيع لحم بحيوان من جنسه) لما روى مالك عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب:
السؤال: 890/ زاد المستقنع: كتاب المناسك، الفدية: جاء في زاد المستقنع: "باب الفدية ... وأما دم متعة وقران فيجب الهدي" من المعلوم أن أصل معنى الفدية ف
السؤال: ٧٤٠/ الروض المربع: كتاب المناسك، محظورات الإحرام. جاء في الروض المربع: "ولهما لبس معصفر وكُحليّ" لماذا خصص الشارح الكُحليّ من بين بقيّة الأ
السؤال: 1007/ منتهى الإرادات: كتاب البيع، الإجارة: جاء في منتهى الإرادات: "(وَ) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ (عَنْبَرٍ) وَصَنْدَلٍ وَنَحْوَ مِمَّا يَبْقَى (
السؤال: 784/ الروض المربع: كتاب القضاء، القسمة: جاء في الروض المربع: "والضرر المانع من قسمة الإجبار: نقص القيمة بالقسمة" لماذا قيد القسمة بالإجبار؛
السؤال: 921/ حاشية ابن عوض: كتاب الشهادات، الشهادة على الشهادة: جاء في حاشية ابن عوض عند قول الماتن في شروط شهادة الفرع على الأصل: «الثالث» دوام عدال
السؤال: 1007/ زاد المستقنع: كتاب الصلاة، صلاة الجماعة: جاء في زاد المستقنع: "(ولا من يصلي الظهر بمن يصلي العصر أو غيرهما)" بناء على ما تقرر في المذ
السؤال: 858/ الروض المربع: كتاب الجنايات، كتاب الديات: جاء في الروض المربع في كتاب الجنايات: "وللعمد تسع صور: ... الثانية: أن يقتله بمثقل، كما أشار
السؤال: 831/ الروض المربع: كتاب النفقات: جاء في الروض المربع: "ومن تركه يظنها حائلاً فبانت حاملاً: لزمه ما مضى: (والنفقة للبائن الحامل (للحمل) نفسه
السؤال: 905/ الروض المربع: كتاب الصلاة، سجود السهو: جاء في الروض المربع: "لزمه الرجوع إليه ما لم ينتصب قائمًا" إذا لم ينتصب قائماً ورجع للجلوس فهل ع
السؤال: 958/ الروض المربع: كتاب الصلاة، صلاة أهل الأعذار: جاء في الروض المربع: "(و) يباح الجمع (بين العشاءين) ... (ولوحل، وريح شديدة باردة)" الأصحاب
السؤال: 911/ الفروع: كتاب البيع، القرض: جاء في الفروع: "قال الإمام أحمد: القرض حال وينبغي أن يفي أن يفي بوعده". يكثر تداول الحنابلة لهذا النص عن ال
السؤال: 979/ الفروع: كتاب الصلاة، شروط الصلاة: جاء في الفروع: "وفي كراهة الطيلسان وجهان، ويسن الرداء وقيل يباح" الطيلسان هل هو الغترة أو الشماغ، وهل
السؤال: 893/ الروض المربع: كتاب الظهار: جاء في الروض المربع: "والمعتبر في الكفارة وقت وجوب" فسر الحنابلة وقت الوجوب بالعود وهو الوطء، فكيف يكون تقدي
السؤال: 982/ الشرح الكبير: كتاب البيع، الحجر: جاء في الشرح الكبير: "ولأنه سبب يفسخ به البيع، فلم يجز تشقيصه، كالرد بالعيب والخيار، وقياس البيع على ا
السؤال: 784/ الروض المربع: كتاب المناسك، صفة الحج والعمرة: جاء في الروض المربع: "لأنه أتى بالواجب وهو الوقوف بالليل والنهار" الوقوف بعرفة ركن، والوا
السؤال: 784/ زاد المستقنع: كتاب الطهارة، المسح على الخفين: جاء في زاد المستقنع: "وجبيرة لم تتجاوز قدر الحاجة ولو في أكبر إلى حلها إذا لبس ذلك بعد كم
السؤال: جاء في زاد المستقنع: "(ولا من يصلي الظهر بمن يصلي العصر أو غيرهما)" بناء على ما تقرر في المذهب من منع اختلاف النية بين الإمام والمأموم، كي
السؤال: 767/ الروض المربع: كتاب الصلاة، كتاب الصلاة، صفة الصلاة: جاء في الروض المربع: "وأن ينوي به الخروج من الصلاة" إذا لم أستحضر نية الخروج من الصل
السؤال: 886/ الروض المربع: كتاب المناسك، الإحرام: جاء في الروض المربع: "(وإن حاضت المرأة) المتمتعة قبل طواف العمرة (فخشيت فوات الحج؛ أحرمت به) وجوب
السؤال: 1007/ كشاف القناع: كتاب الطهارة، المياه: جاء في كشاف القناع: "(و) كذا يكره (استعمال ماء زمزم في إزالة النجس فقط) تشريفًا له" في المسألة ثلا
السؤال: 852/ زاد المستقنع: كتاب الطهارة، الحيض: جاء في زاد المستقنع: "فما تكرر ثلاثاً فحيض، وما نقص عن العادة طهر، وما عاد فيها جلسته ... ومن رأت يو
السؤال: 921/ كشاف القناع: كتاب البيع، الرهن: جاء في كشاف القناع: "(وتصرُّف راهنٍ في رهن لازم) أي: مقبوض (بغير إذن مُرتَهِن بما يمنع ابتداء عَقْده، ك
السؤال: 884/ زاد المستقنع: كتاب المناسك، محظورات الإحرام: جاء في زاد المستقنع: "وإن لبس ذكر مخيطا فدى" هل لبس (الصندل) من المحظورات على المذهب، وم
السؤال: جاء في الشرح الكبير: "ولأنه سبب يفسخ به البيع، فلم يجز تشقيصه، كالرد بالعيب والخيار، وقياس البيع على البيع أولى من قياسه على النكاح" ذكر ا
السؤال: 778/ زاد المستقنع: كتاب القضاء، القسمة: جاء في زاد المستقنع: "وأما ما لا ضرر، ولا رد عوض في قسمته ـ كالقرية، والبستان، والدار الكبيرة، والأر